التدبير العمومي الحديث:مفهومه، مجالاته.

إن تراكم الوسائل والطرق التقليدية في العمل الإداري، وما أثبتته عبر مرور الوقت من عدم فعاليتها وعدم مردوديتها وعدم مسايرتها لمتطلبات المرتفقين والتطورات العالمية السريعة في ظل العولمة، دفع العديد من الباحثين في مجال العلوم الإدارية، إلى البحث عن وسائل وطرق حديثة للتسيير الإداري أو ما أصبح يعرف بالتدبير العمومي.
وعليه جاء التدبير العمومي الحديث بمجموعة من الوسائل والتقنيات والآليات الحديثة من أجل النهوض بالعمل العمومي بشكل عام والعمل الإداري بشكل خاص، ورفعه إلى مستوى المردودية الذي تعرفه المقاولات الخاصة الناجحة التي تعتمد طرق تدبيرية جد فعالة.
فالتدبير العمومي الحديث جاء بوسائله ومجالاته التدبيرية بعد الفحص الدقيق لأهم العراقيل التي تحول دون تحقيق أهداف وغايات الجهاز الإداري العمومي، وهي عراقيل ترتبط بمستوى العلاقات الإنسانية داخل الوحدة الإدارية وبعقليات القيادات الإدارية .
فإن تحسين مناهج العمل داخل الإدارة العمومية هو الهدف الرئيسي للتدبير العمومي الحديث، وذلك من خلال تحسين جودة الخدمات المقدمة للجمهور وأخذ المواطن بعين الاعتبار كزبون أساسي للإدارة العمومية واعتبار رضاه، المعيار الرئيسي لنجاح تنمية إدارية في أي بلد .
فإصلاح مناهج الإدارة من وجهة العلوم الإدارية يقوم على عقلنة العمل الإداري، وبعقلنة طرق اتخاذ القرار ومفهوم القيادة  ،ونعتقد أن هذه الجوانب الثلاثة تصب كلها في تبني مفهوم تحديثي للتدبير، والذي يشمل عقلنة طرق تسيير الموارد البشرية والمادية، وكل ذلك وفق مبدأ أساسي من مبادئ التدبير العمومي وهو مبدأ المسؤولية كأمانة ،تعني إضفاء الطابع الأخلاقي /الديني على ممارسة الوظائف والمسؤوليات .
فالجودة والشفافية والمصلحة العامة أهم مبادئ يجب أن تسود  التدبير العمومي لتمكينه من تحقيق الدور المنوط به لتفعيل العمل الإداري خاصة وأن حسن التدبير يؤدي إلى حكامه جيدة ، وكذا مساهمته في إيجاد حلول للعديد من المشاكل التي تواجه أي دولة وخاصة محاربة الفقر وتحقيق تنمية شاملة .
فالتدبير المحكم والمعقلن والفعال ،له غاية أساسية تتمثل في النفعية ،أي ان لكل منظمة كيفما كنت طبيعتها لها أهداف ووسائل مادية وبشرية يجب التعامل معها انطلاقا من أربع عمليات:
- التخطيط   - التنظيم    - التنشيط    -    الرقابة .
هذه العمليات تعتبر المبادئ الأساسية للإدارة السليمة ، فالتدبير العمومي يهدف إلى تحسين نوعية الأداء الإداري والخدمات الإدارية من خلال استغلال واستعمال أدوات جديدة للتدبير ، كما يهدف إلى الحد من صلابة التنظيم الإداري ،وخلق مرونة في النظام التواصلي داخل الإدارة العمومية ومع محيطها الخارجي.
إن ظهور طرق جديدة للتدبير العمومي الحديث، وكذا بروز معطيات اقتصادية جديدة أصبحت تتحكم في ممارسة المرافق العمومي لمختلف أنشطتها في الوقت الحالي، أحدث تحولات مهمة على مستوى أهداف وطرق تسيير الإدارة العمومية.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق